خندق ماريانا أعمق منطقة في المحيط
تم النشر بواسطة نور الريامي في 17/7/2023

يقع خندق ماريانا، الذي يتخذ شكل الهلال ويحتوي على أعمق منطقة في المحيطات وبه أعمق بقعتين في كوكب الأرض، في غرب المحيط الهادي، شرق جزر ماريانا بالقرب من جزيرة غوام (أميركية). ويبلغ طول خندق ماريانا 2542 كيلومترا، أي أكبر 5 أضعاف من الأخدود العظيم في ولاية أريزونا الأميركية، غير أن خندق ماريانا أضيق إذ لا يتجاوز أقصى عرض له 69 كيلومترا. 

وتشتهر المنطقة المحيطة بالخندق بالعديد من البيئات الفريدة، ففيها منافذ يتدفق منها الكبريت وثاني أكسيد الكربون السائلان، وبراكين الطين النشطة والمخلوقات البحرية التي تكيفت مع الضغط البحري الذي يفوق الضغط عند مستوى سطح البحر بألف ضعف. تشكل خندق ماريانا بسبب عمليةٍ جيولوجيةٍ تحدث في مناطق تسمى بمناطق الاندساس (subduction) التي تتكوّن نتيجة اصطدام صفيحتين هائلتين من قشرة المحيط مع بعضهما بعضا، إذ تدفع إحداهما الأخرى فتنزلق تحتها وتغوص في طبقة الوشاح (وهي الطبقة التي تقع تحت القشرة الأرضية). وبسبب تداخل هاتين الصفيحتين تشكل خندقٌ عميقٌ فوق المنعطف في القشرة المغروسة في الأسفل. وفي حالة خندق ماريانا، فقد تشكل نتيجة لانزلاق قشرة المحيط الهادي وانثنائها تحت قشرة الفلبين. وبينما يبلغ عمر قشرة المحيط الهادي 180 مليون سنة وهي تغوص في الخندق، فإن قشرة الفلبين أقل عمرا وأصغر حجما من قشرة المحيط الهادي. 

يبلغ ضغط الماء الهائل على قاع الخندق ما يزيد على 8 أطنان لكل بوصة مربعة (703 كيلوغرامات للمتر مربع)، وهو ضغط أكبر من ألف ضعف الضغط الذي تشعر به عند مستوى سطح البحر، أو ما يعادل 50 طائرة جامبو فوق شخص. 

 
على مدى العقد الماضي، استكشفت العديد من الرحلات العلمية المأهولة وغير المأهولة لخندق مارياناوتنافست في تحطيم الرقم القياسي للوصول إلى أكبر عمق للقاع السحيق.ففي عام 1875، اكتشف سفينة “إتش إم إس تشالنغر” (HMS Challenger) الخندق لأول مرة باستخدام معدات حديثة للسبر بالموجات الصوتية، أثناء رحلة طواف لها حول العالم. وفي عام 1951، فحصت سفينة أخرى اسمها “إتش إم إس تشالنجر 2” الخندق مرة أخرى، وتكريما لهاتين السفينتين تم إطلاق اسم “تشالنغر ديب” على أعمق جزء من الخندق. 

 أما أول غواصة يقودها إنسان تصل إلى أعماق منطقة “تشالنغر ديب” هي غواصة “تريستي” (Trieste) التي قامت بهذه الرحلة في عام 1960 وكان يقودها ملازم البحرية الأميركية دون وولش، والعالم السويسري جاك بيكارد، ووصلت المركبة إلى عمق 10,911مترا. وفي عام 2012، قاد جيمس كاميرون، المخرج السينمائي الشهير، منفردا غواصة “ديب سي تشالنغر” (Deepsea Challenger) للوصول إلى قاع منطقة تشالنغر ديب بعمق 10,908 أمتار، وصور فيلما وثائقيا عن أعماق الخندق لصالح جمعية ناشونال جيوغرافيك. 

كشفت البعثات العلمية الأخيرة حياة مزدهرة ومدهشة في الأعماق السحيقة في خندق ماريانا وغيرها من الظروف القاسية المشابهة، وقد وصفتها ناتاشا غاللو، باحثة الدكتوراه في معهد سكريبس لعلوم المحيطات (Scripps Institution of Oceanography)، التي درست مقطع الفيديوالذي سجلته بعثة المخرج السينمائي جيمس كاميرون في الخندق في عام 2012، بقولها “الغذاء في خندق ماريانا شديد الندرة لبعد المضيق العميق السحيق عن الأرض، وقليلا ما تشق النباتات الأرضية طريقها إلى عمق الخندق، وعلى كائنات البلانكتون (العوالق) الميتة الغارقة من السطح أن تجتاز آلاف الأقدام كي تصل إلى الأعماق في منطقة “تشالنغر ديب. لكن بعض الميكروبات تعتمد في غذائها على المواد الكيميائية، مثل الميثان والكبريت، أما المخلوقات الأخرى فتلتهم الكائنات البحرية الأقل منها في السلسلة الغذائية“.


أكثر الكائنات شيوعا في أعماق خندق ماريانا، على حد قول ناتاشا غاللو، هي الزينوفايفورا (xenophyophores)، ومزدوجات الأرجل (amphipods)، وخيار البحر الصغير (small sea cucumbers)، وقد رصدت أعداد الأخيرة بوفرة وأعداد كبيرة في الأعماق. تشبه مخلوقات الزينوفايفورا الأميبا العملاقة، وهي تتناول الطعام عبر الإحاطة بطعامها ثم امتصاصه، أما مزدوجات الأرجل فهي مخلوقات لامعة تشبه الجمبري توجد بوفرة في الأعماق، لكن قدرتها على الحياة في هذا الضغط الرهيب أمر محير لأن قشور هذه المخلوقات ستذوب بسهولة تحت وطأة الضغط المرتفع في خندق ماريانا. ولكن في عام 2019، اكتشف الباحثون أن هناك عدة أنواع من المخلوقات التي تسكن خندق ماريانا تستخدم الألمنيوم المستخرج من ماء البحر في تعزيز قشورها. 

وفي أثناء بعثة جيمس كاميرون العلمية في 2012، لاحظ العلماء ما يشبه الحصائر الميكروبية في منطقة “سيرينا ديب”، التي تقع إلى الشرق من منطقة “تشالنغر ديب”، وهذه الكتل الميكروبية تتغذى على الهيدروجين والميثان الذي تطلقه التفاعلات الكيميائية بين ماء البحر والصخور. ومن أقوى الحيوانات المفترسة في المنطقة سمكة ذات شكل وديع ومخادع، ففي عام 2017 ذكر العلماء أنهم جمعوا عينات من سمكة غريبة أسموهاسمكة حلزون خندق ماريانا” (Mariana snailfish) وهي تعيش في أعماق تصل إلى 8 آلاف متر. 

مسح مقطعي بالأشعة لسمكة الحلزون التي تعيش في قاع خندق ماريانا (آدم سمرز – جامعة واشنطن)

أكثر الكائنات شيوعا في أعماق خندق ماريانا، على حد قول ناتاشا غاللو، هي الزينوفايفورا (xenophyophores)، ومزدوجات الأرجل (amphipods)، وخيار البحر الصغير (small sea cucumbers)، وقد رصدت أعداد الأخيرة بوفرة وأعداد كبيرة في الأعماق. تشبه مخلوقات الزينوفايفورا الأميبا العملاقة، وهي تتناول الطعام عبر الإحاطة بطعامها ثم امتصاصه، أما مزدوجات الأرجل فهي مخلوقات لامعة تشبه الجمبري توجد بوفرة في الأعماق، لكن قدرتها على الحياة في هذا الضغط الرهيب أمر محير لأن قشور هذه المخلوقات ستذوب بسهولة تحت وطأة الضغط المرتفع في خندق ماريانا. ولكن في عام 2019، اكتشف الباحثون أن هناك عدة أنواع من المخلوقات التي تسكن خندق ماريانا تستخدم الألمنيوم المستخرج من ماء البحر في تعزيز قشورها. 

وفي أثناء بعثة جيمس كاميرون العلمية في 2012، لاحظ العلماء ما يشبه الحصائر الميكروبية في منطقة “سيرينا ديب”، التي تقع إلى الشرق من منطقة “تشالنغر ديب”، وهذه الكتل الميكروبية تتغذى على الهيدروجين والميثان الذي تطلقه التفاعلات الكيميائية بين ماء البحر والصخور. ومن أقوى الحيوانات المفترسة في المنطقة سمكة ذات شكل وديع ومخادع، ففي عام 2017 ذكر العلماء أنهم جمعوا عينات من سمكة غريبة أسموهاسمكة حلزون خندق ماريانا” (Mariana snailfish) وهي تعيش في أعماق تصل إلى 8 آلاف متر. 

تمرير للأعلى